"واشنطن بوست": الجمهوريون يتجاوزون أول عقبة لتمرير خطة ترامب حول الهجرة

"واشنطن بوست": الجمهوريون يتجاوزون أول عقبة لتمرير خطة ترامب حول الهجرة
مجلس النواب الأمريكي

أقرّت لجنة الميزانية في مجلس النواب الأمريكي، مساء الأحد، مشروع قانون ضخماً يتضمن حزمة من السياسات الضريبية والهجرة، وهو حجر الأساس في أجندة الرئيس دونالد ترامب، وقد جاء هذا الإقرار بعد جلسة مطوّلة شهدت ضغوطًا مكثفة من قادة الحزب الجمهوري لإقناع النواب المحافظين المتشددين بتغيير موقفهم، بعدما كانوا قد عرقلوا تمرير المشروع في جلسة سابقة يوم الجمعة.

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، نجح أربعة نواب جمهوريين محافظين في تغيير موقفهم إلى التصويت بـ"الموافقة"، ما أتاح تمرير التوصية بالموافقة على المشروع بأغلبية ضيقة بلغت 17 صوتًا مقابل 16.

ويمثّل النواب الأربعة تشيب روي من ولاية تكساس، رالف نورمان من ساوث كارولينا، جوش بريتشين من أوكلاهوما، وأندرو كلايد من جورجيا، جناحًا متشددًا يُعرف باسم "صقور العجز"، وهم من أعضاء كتلة الحرية المحافظة.

وأكّد رئيس مجلس النواب مايك جونسون، النائب الجمهوري عن ولاية لويزيانا، عقب التصويت أن ما جرى يمثل "فوزًا كبيرًا"، لكنه اعترف بأن "الطريق لا يزال طويلاً لإنجاز كامل البنود"، بحسب تعبيره.

وكان النواب الأربعة الذين غيّروا موقفهم قد صوّتوا يوم الجمعة ضد مشروع القانون، في خطوة اعتُبرت توبيخًا مباشرًا لكل من جونسون وترامب، اللذين طالبا علنًا بتمرير المشروع بسرعة، وعلّل المعارضون رفضهم بأن المشروع سيفاقم عجز الموازنة الفيدرالية، الذي يُعد أصلاً من أبرز أزمات الاقتصاد الأمريكي.

وعاد أحد الجمهوريين، الذين صوّتوا بالرفض يوم الجمعة، إلى التصويت بنعم يوم الأحد، ما أتاح إعادة النظر في المشروع، لكن تردد النواب في دعم المشروع الكامل خارج اللجنة يكشف استمرار الانقسام داخل الجناح اليميني للحزب الجمهوري.

صعوبات أمام مجلس النواب

واجهت قيادة مجلس النواب، وعلى رأسها مايك جونسون، تحديات كبيرة في محاولة تمرير مشروع القانون، يُعد الإنفاق الفيدرالي نقطة خلاف مركزية بين مختلف أجنحة الحزب الجمهوري، وقد تسبّبت هذه الانقسامات سابقًا في إطاحة كيفن مكارثي، الرئيس السابق للمجلس، نتيجة فشله في كبح الإنفاق.

واضطر جونسون مرارًا إلى الاعتماد على دعم الديمقراطيين لتمرير قوانين تمويل الحكومة، وهو ما زاد من الضغوط عليه من قِبل المتشددين الجمهوريين، وعلى الرغم من الدعم الواسع الذي يحظى به ترامب داخل الحزب، فإن حجم الإنفاق في مشروع القانون الجديد أعاد إشعال الخلافات.

التصويت النهائي

يُدرك قادة الحزب الجمهوري أن خسارة صوتين فقط في مجلس النواب ستُسقط المشروع، إذا حضر جميع الأعضاء وصوّتوا، أمامهم يومان فقط لحشد الدعم قبل اجتماع لجنة القواعد يوم الثلاثاء، حيث ستُطرح التعديلات النهائية.

ويُشارك في لجنة القواعد اثنان من النواب الذين صوّتوا بـ"الحضور" يوم الأحد، هما تشيب روي ورالف نورمان، ويملك أي منهما القدرة على تعطيل المشروع عبر التصويت ضدّه داخل اللجنة.

وأعرب روي في منشور مطوّل على مواقع التواصل الاجتماعي عن أمله في استغلال الوقت المتبقي هذا الأسبوع للتوصل إلى تفاهمات تضمن تمرير القانون، قائلًا: "لم يحن الوقت بعد لتمرير المشروع بصيغته الحالية، لكن علينا التعاون للمضي قدمًا".

مخاوف لدى الجمهوريين

حذّر عدد من النواب الجمهوريين المعتدلين من أن التنازلات التي يُقدمها قادة الحزب لمصلحة المتشددين قد تُهدد شعبيتهم في دوائرهم الانتخابية.

ويُخشى أن تُفضي التعديلات إلى خفض مخصصات برامج اجتماعية حيوية مثل الضمان الاجتماعي وبرنامج ميديكيد، ما قد يُضعف موقف الحزب في الانتخابات المقبلة.

وأكد مايك جونسون عزمه طرح مشروع القانون للتصويت العام هذا الأسبوع، متمسكًا بجدول زمني ينتهي عند عيد الذكرى الأمريكي، مشيرًا إلى أنه لا يزال "مقتنعًا تمامًا" بإمكانية تحقيق هذا الهدف رغم العراقيل.

ترامب وتكلفة المشروع

يتضمّن مشروع القانون بنودًا محورية من حملة دونالد ترامب الانتخابية، أبرزها تمديد تخفيضات الضرائب لعام 2017 التي ستنتهي في ديسمبر المقبل، وإلغاء الضرائب على الإكراميات، وأجور العمل الإضافي، وفوائد قروض السيارات.

ويشمل المشروع أيضًا ضخ مئات المليارات من الدولارات لتعزيز أولويات البيت الأبيض، وفي مقدمتها إنفاذ قوانين الهجرة والإنفاق الدفاعي.

ومع ذلك، قد يُكلّف هذا القانون الولايات المتحدة ما لا يقل عن 2.5 تريليون دولار خلال العقد المقبل، ما سيُفاقم الدين العام البالغ حاليًا 36.2 تريليون دولار، وفق تقديرات اقتصادية.

انقسامات تعوق سير القانون

فرضت الخلافات الداخلية على قيادة الحزب الجمهوري الدخول في مفاوضات مع النواب المترددين، والذين اجتمعوا بعد ظهر الأحد في مكتب مايك جونسون برفقة قادة من مجلس النواب ومسؤولين من البيت الأبيض.

لم يُشارك دونالد ترامب بشكل مباشر في المفاوضات، إذ كان يمارس رياضة الغولف بعد عودته من زيارة إلى الشرق الأوسط، لكنه تلقّى تقارير منتظمة من جونسون حول مجريات الأمور.

وطالب النواب الممتنعون عن التصويت بتخفيضات كبرى في الإنفاق، خاصة على برنامج ميديكيد، وهو برنامج تأمين صحي فيدرالي موجه للأسر ذات الدخل المنخفض، ويُدار بالشراكة بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات.

وصرّح مايك جونسون في مقابلة تلفزيونية على قناة فوكس نيوز بأن تأجيل تطبيق شروط العمل الجديدة في البرنامج حتى عام 2028 ضروري لإعطاء الولايات وقتًا كافيًا لإعادة تنظيم أنظمتها، لكن نوابًا من الجناح المتشدد طالبوا بتطبيق أسرع لهذه الشروط.

مطالب أخرى

ضغط ستة نواب جمهوريين من ولايات ذات ميول ديمقراطية -أبرزها نيويورك- لرفع الحد الأقصى لخصم ضرائب الولايات والضرائب المحلية، وكان قانون الضرائب الذي أقره ترامب في 2017 قد حدّ هذا الخصم بـ10 آلاف دولار سنويًا.

واقترح القادة الجمهوريون رفع الحد الأقصى إلى 30 ألف دولار، في محاولة لتهدئة هذه المجموعة، لكن النائب نيك لالوتا، الجمهوري عن نيويورك، رأى أن هذا التعديل غير كافٍ، مشيرًا في منشور له إلى أن مشروع القانون "تعطّل" ويحتاج إلى "دفعة قوية" لإنعاشه.

وشدّد لالوتا على ضرورة حماية برامج الرعاية الاجتماعية مثل ميديكيد وطوابع الطعام، دون تحميل الطبقة المتوسطة أعباء ضريبية إضافية، لكن إدخال تعديل على الخصم الضريبي سيرفع من تكلفة المشروع، ما يُفاقم قلق المتشددين الماليين داخل الحزب.

وأكد النائب كلاي هيغينز، الجمهوري عن ولاية لويزيانا، في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، رفضه دعم أي مشروع يزيد من الإنفاق الفيدرالي بالعجز، معتبرًا أن "اللحظة الحالية ستحدد ما إذا كان الجمهوريون قادرين على حماية الجمهورية للأجيال القادمة، أو إذا كانت أمريكا ستنهار على رؤوس أبنائها".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية